الأربعاء، 20 أبريل 2011

علامات الوقف في القرآن الكريم



قال تعالى " .. قال فما خطبكم أيها المرسلون . قالو إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين . إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين . إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين . فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون .. " سورة الحجر الآيات ( 57 – 62 ) .
الوقف هنا ممنوع على قوله ( أجمعين ، وقدرنا ، والمرسلون ) فى طبعات المصحف الأربعة . وحول هذه الآية يقول الأشمونى ( .. ( إلا آل لوط ) حسن ( إنا لمنجوهم أجمعين ) ليس بوقف للاستثناء ، ( قدرنا ) جائز ، وقيل ليس بوقف لأن اسمها وخبرها فى محل نصب مفعول قدرنا ، وإنما كسرت الهمزة من إنها لدخول اللام فى خبرها ( الغابرين ) كاف ( فلما جاء آل لوط المرسلون ) ليس بوقف لأن قال بعده جواب لما (منكرون ) كاف .. )) ([1]) . فالمختلف عليه لدى الأشمونى فى الوقف الممنوع هو قوله تعالى ( قدرنا ) حيث أجازه ، ونقل عن السابقين منعه ، هذا والسجاوندى يمنع الوقف على هذا الموضع قائلاً: (( .. ( قدرنا) لأن ( إنها ) وخبرها مفعول ( قدرنا ) ، وإنما كسرت ألف ( إنها ) لدخول اللام فى خبرها .. ) ([2]) ، فالأشمونى نقل عن السجاوندى المنع مع اكتراثه بالسبب وتجويزه للوقف .
وعلة المنع أن الكلام لم يتم عند ( قدرنا ) فبقيته لم تأت بعد ، فما بعد ( قدرنا ) فى موضع المفعول به ، ومن المعروف أن كل كلمة تعلقت بما بعدها لا يجوز الوقف عليها ، فلا يجوز الوقف على الجار دون المجرور ، أو المضاف دون المضاف إليه ، أو الناصب دون المنصوب .

17 – قال تعالى " .. وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين . ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون.." سورة النحل الآيتان ( 24 – 25 ) .

الوقف هنا ممنوع على قوله ( أنزل ربكم ) فى المصاحف الأربعة ، يقول النيسابورى : ((.. ( ربكم ) ، لأن ما بعده جواب ( إذا ) .. " ([3])، والحقيقة توافق هذا الرأى تماماً ، لأن ما بعد ( أنزل ربكم ) جواب ( إذا ) المضمنة معنى الشرط، ولابد أن يأتى الكلام لحمة واحدة حتى تتم به الفائدة والمعنى المزمع نقله
والعلامة النحوى الزجاج يقول (( .. ( ما ) مبتدأ ، ( وإذا ) فى موضع الذى .
المعنى : مالذى أنزل ربكم ؟ و ( أساطير الأولين ) على تقدير مبتدأ محذوف وتقديره : هو أساطير الأولين .. )) ([4]) .
والأشمونى يقول: ((.. ( ماذا أنزل ربكم ليس بوقف ، لأن قالوا جواب ماذا ، فلا يفصل بينهما بالوقف ، وما وذا كلمة واحدة استفهام مفعول بأنزل ، ويجوز أن تكون ما وحدها كلمة مبتدأ ، وذا بمعنى الذى خبر ما وعائدها فى أنزل محذوف ، أى : أى شىء أنزل ربكم ؟ فقيل أنزل أساطير الأولين ( والأولين ) حسن ، إن جعلت اللام فى ليحملوا لام الأمر الجازمة للمضارع ، وليس بوقف إن جعلت لام العاقبة والصيرورة ، وهى التى يكون ما بعدها نقيضا لما قبلها ، أى : لأن عاقبة قولهم ذلك ، لأنهم لم يقولوا : أساطير الأولين ليحملو ، فهو بتقدير : ويحملون من أوزار الذين يضلونهم ( بغير علم ، كاف ( ما يزرون ) تام .. ) ([5]) .

وكذلك منعوا الوقف على قوله ( يوم القيامة ) لأن ما بعد يوم القيامة مفعول ( ليحملوا ) أيضاً ، وهذا معناه ان الحمل يقع منهم على أوزارهم ، ويقع أيضاً على أوزار من يضلونهم ، ولو أجزنا للقارىء الوقف على يوم القيامة لفهم السامع أن الحمل يقع منهم على أوزارهم فقط ، وهذا على غير المراد ، وإنما المراد أن الحمل يقع منهم على أوزارهم وعلى أوزار من يضلونهم .



18 – قال تعالى " .. جنات عدن يدخلونها تجرى من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزى الله المتقين . الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون . هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" . سورة النحل الآيات رقم ( 31 – 33 ) .
الوقف هنا ممنوع على قوله ( طيبين ، وسلام عليكم ) فى طبعات المصحف الأربعة ، فالسجاوندى يقول : (( .. ( طيبين ) لأن قوله ( يقولون ) حال بعد حال طيبين أى قائلين .. )) ([6]) والأشمونى يقول بالجواز حالة الاستئناف ، والمنع حال تعلقه بما بعده ، وذلك كما يلى : ( .. ( طيبين ) جائز ، على استئناف ما بعده ، وليس بوقف إن جعل ما بعده متعلقاً بما قبله ، وطيبين حال من مفعول ، تتوفاهم ( سلام عليكم ليس بوقف ، لأن ادخلوا مفعول يقولون ، أى : تقول خزنة جهنم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون .. ) ([7]) .
وفى حديث على رائق يجلى الأستاذ الدكتور عبد العظيم المطعنى سبب المنع فى مقال له بمجلة منبر الإسلام قائلاً : (( .. وفى سبيل الوصول إلى لطائف منع الوقف هنا نسأل هذا السؤال : لماذا يمتنع الوقف على كلمة ( طيبين ) فى هذه الاية ؟ والجواب من وجهين : حال من الضمير ( هم ) فى قوله ( تتوفاهم ) و( يقولون ) حال من الملائكة .
الأولى : ( طيبين ) حال من المفعول وهم المتوفون .
والثانية : ( يقولون ) حال من الفاعل وهم ( الملائكة ) والحال وصف فى المعنى، ووصف الفاعل ، والفاعل عمدة فى الجملة وإذا فصل عن صاحبه بالسكوت عقب ذكر وصف المفعول كان فى ذلك نوع إخلال بكمال البيان ، لذلك لا يقال هنا ( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) ثم يسكت القارىء ثم يقول بعد لحظة ( يقولون سلام عليكم ) وإنما يواصل تلاوة الآية بلا فاصل زمنى بين الموصوف ( الملائكة) وبين وصفه ( يقولون ) ، وبقيت لطيفة أخرى فى منع الوقف هنا وهى: الإسراع إلى ذكر البشرى التى يبشرها الملائكة لمن يتوفونهم من عباد الله الصالحين ، وهذه البشرى تتكون من جزءين .
الأول : سلام عليكم . والثانى ( ادخلوا الجنة ) .
والوقوف على طيبين يؤخر هذه البشريات بمقدار زمن الفصل السكوتى بين كلمتى ( طيبين ) و( يقولون ) ، وللزمن فى علم البلاغة ميزان دقيق حساس ذو شأن عظيم .. )) ([8]) .


19 – " .. وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون .. " سورة النحل الآية رقم (38) .

الوقوف ممنوع هنا على قوله ( جهد أيمانهم فى الطبعات الأربعة ، وفى ذلك يقول السجاوندى : (( .. ( إيمانهم ) لأن جواب القسم ( لا يبعث الله من يموت ) .. )) ([9]). .
ويقول الأشمونى : (( .. ( جهد إيمانهم ) ليس بوقف ، لأن ما بعده جواب القسم كأنه قال : قد حلفوا لا يبعث الله من يموت .. )) ( 2 ) .

لذا فإن الوقف ممنوع لأن جواب القسم لم يأت بعد ، وعلى ذلك يترتب نقصان فى المعنى ، والمعروف لدى الأسلوبيين أن جملة القسم وجوابه جملة واحدة ، وإن كانتا فى الظاهر جملتين ، فهما فى حكم الكلمة الواحدة فى المعنى ، والمعنى هو المعول عليه دائما وأبدا .



20 – " .. ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون .. " سورة النحل رقم (57 ) .
الوقف ممنوع هنا على قوله سبحانه فى الطبعات الأربعة ، يقول النيسابورى : " .. ( سبحانه ) لأن قوله ( ولهم يشتهون ) مفعول ( ويجعلون ) و( سبحانه ) تنزيه معترض .. " ([10]) .
ويقول الفراء : " .. وقوله ( ولهم ما يشتهون ) ( ما ) فى موضع رفع ، ولو كانت نصبا على : ( ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون ) لكان ذلك صوابا ، وإنما اخترت الرفع لأن مثل ذا من الكلام يجعل مكان ( لهم ) لأنفسهم ، ألا ترى أنك تقول قد جعلت لنفسك كذ وكذا ، ولا تقول قد جعلت لك .. " ([11]) .
والأشمونى يجوز الوقف تارة ، ويمنعه تارة أخرى ، وذلك حين يعرض لأقوال العلماء على التالى " .. (سبحانه ) تام على استئناف ما بعده ، وليس بوقف إن عطف ما بعده على لله البنات يؤدى إلى تعدى فعل الضمير المتصل وهو واو ، ويجعلون إلى ضميره المتصل ، وهو هم فى لهم .
قال أبو اسحاق : ( وما قاله الفراء خطأ لأنه لا يجوز تعدى فعل الضمير المتصل إلا فى باب ظن وأخواتها من أفعال القلوب ، وفى فقد وعدم .. ) ([12]) .
ومن ثم فإن جملة الاعتراض التنزيهية من غير الجائز الوقوف ، والأحرى الوصل تتمة للمعنى .

21 – " .. إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على شىء شهيد .. " سورة الحج الآية (17) .
الوقف ممنوع على قوله ( أشركوا ) فى طبعة مصحف الأزهر الشريف فقط .
وفى هذا الموضع يقول الدانى : (( ..( يوم القيامة – 17 – كاف ) ، ( على كل شىء شهيد ) تام .. ) ([13]) ، ولم يذكر وقفا من أى نوع ، وهذه دلالة على المنع .
والسجاوندى يقول : ( .. ( أشركوا -17 - ) قد قيل على حذف خبر ( إن ) الأولى أى ليبعثن ، والأصح أن ( إن الله ) خبر ( إن ) الأولى .. " ([14]) .

وفحوى المنع أن الإخبار المؤكد من الله تعالى بوقوع الفصل يوم القيامة بين المؤمنين وبين أتباع الملل الأخرى لم يأت بعد حين الوقوف على قوله ( أشركوا ) لذلك كان لابد من اشتمال المبتدأ المؤكد على خبره المؤكد لتتم الجملة فى مبناها ومعناها .
22 – " .. قد أفلح المؤمنون . الذين هم فى صلاتهم خاشعون . والذين هم عن اللغو معرضون . والذين هم للزكاة فاعلون . والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم . فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون .. " سورة المؤمنون الآيات (1-7 ) .
الوقف ممنوع على قوله ( حافظون فى طبعة مصحف الملك الثانية وما بعدها ، وفى طبعة مصحف ليبيا ، ومن القراء من يقول بمنع الوقف هنا كالسجاوندى الذى يقول : (( .. ( المؤمنون -1- ) إلى قوله ( ملومين -9 – ح ) لاتصال الأوصاف ، وجاز الوقف هنا – أى على ملومين لاعتراض الاستثناء ، ولاستحقاق الشرط الابتداء به ، ولطول الكلام ، وإلا فالآتيان من أوصاف المؤمنين .. )) ([15]) ، والأنصاري يقول: ((.. ( قد أفلح المؤمنون -1- ) تام وإن جعل ( الذين ) مبتدأ أخبره ( أولئك هم الوارثون ) وإلا فجائز .. ) ([16]) .
فالمؤمنون موصوف ، وقد تتابعت الآيات من بعد ذلك توصيفا لـ ( المؤمنون ) ، وعلة المنع الإيتان بالخبر ، حتى لا يفصل بين المبتدأ وخبره بفاصل ، وإنما يجوز الوقف على فواصل الآيات لكون ذلك سنة متبعة لدى علماء الآداء والقراءات .

ولجمع الآيات معا يتحدث العلامة الزمخشرى قائلاً : (( .. والمعنى أنهم لفروجهم حافظون فى كافة الحوال إلا فى حال تزوجهم أو تسربهم أو تعلق ( على) بمحذوف يدل عليه ( غير ملومين ) ، كأنه قيل يلامون إلا على أزواجهم ، أى يلامون على كل مباشر إلا ما أطلق لهم ، فإنهم غير ملومين عليه ، أو تجعل صفة لـ ( حافظين ) من قولك : احفظ على عنان فرسى . على تضمينه بمعنى النفى .. )) ([17]) .

ومن ثم يكون الوصل أولى ليتم المقصد ، وعرض الصفات الحسنه التى نعت الله بها عباده المؤمنين ، إذ إن إتمام الصفات فى نبرة واحدة يوفى المقصد البيانى حقه .








23 – قال تعالى : " .. وإن لوطا لمن المرسلين . إذ نجيناه وأهله أجمعين . إلا عجوزا فى الغابرين . ثم دمرنا الآخرين . وإنكم لتمرون عليهم مصبحين . وبالليل أفلا تعقلون .. " سورة الصافات الآيات ( 133 – 138 ) .

الوقف هنا ممنوع على قوله تعالى ( أجمعين ) ، وعلى قوله ( مصبحين ) فى طبعات مصحف الملك الثانية وما بعدها وطبعة الأزهر الشريف ، وطبعة ليبيا ، وشاهد المنع فى أجمعين أنه مستثنى منه ، فلا يجوز الوقف على المستثنى منه دون الإتيان بالمستثنى .

أما الموضع الثانى من المنع ، فلم يذكر الدانى وقفا من أى نوع على قوله ( مصبحين ) مما يفهم منه أنه أراد المنع ، ويقف الأنصار نفس الموقف ، لأن الوقوف على هذه الكلمة لم يتمم جملة الحال ، فالمرور يكون صبحا وليلا ، وعدم التعقل ليس مقترنا بمرور الليل فقط ، وإنما جزءا من كيانهم .






24 – قال تعالى : " .. فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس فى جهنم مثوى للكافرين . والذى جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون" سورة الزمر الآيتان (32 – 33 ) .
الوقف ممنوع على قوله ( وصدق به ) فى طبعات المصاحف الأربعة ، فقد قال الأشمونى : (( .. ( وصدق به ) ليس بوقف ، وذلك لن خبر والذى لم يأت ، وهو أولئك .. " ([18]) .
وجاء فى التحرير والتنوير لأبن عاشور قوله : (( .. وجملة ( أولئك هم المتقون ) خبر عن الاسم الموصول ، وجىء باسم الإشارة للعناية بتمييزهم أكمل تمييز ، وضمير الفصل فى قوله : ( هم المتقون ) يفيد قصر جنس المتقين على ( الذى جاء بالصدق وصدق به ) لأنه لا متقى يومئذ غير الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وكلهم متقون ، لأن المؤمنين بالنبى صلى الله عليه وسلم لما أشرقت على نفوسهم أنوار الرسول صلى الله عليه وسلم تطهرت ضمائرهم من كل سيئة فكانوا محظوظين من الله بالتقوى .. " ([19]) .




25 – قال تعالى : " .. واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون .. " سورة الزخرف الآية رقم (45) .
اختلف القراء هنا فى المنع والتجويز على قوله ( من رسلنا ) حيث لم يرد المنع سوى فى طبعة مصحف الأزهر الشريف ، فالإمام الدانى يقول : " .. ( ولقومك – 44 – تام ) ، ( يعبدون – 45 - ) تمام القصة .. " ([20]) ، ولم يذكر وقفا من أى نوع على قوله من رسلنا ، وهذا دليل على المنع .
أما السجاوندى فيقول : " .. ( من رسلنا – 45 – ز ) وقد قيل للابتداء بالاستفهام، ولكنه مفعول ثان للسؤل . ) ([21]) ، فعلى رأى السجاوندى يجوز الوجهان الوقف والمنع .
وسببه المنع إبداء مادة السؤال فالوقف على رسلنا يجعل السؤال بلا مادة أو فحوى، وربما كان الوقف أوقع فى التشويق إلى تلقى مادة السؤال .





26 – قال تعالى : (( .. الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم . والذين ءامنوا وعملوا الصالحات وءامنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم )) سورة محمد الآيتان ( 1 – 2 ) .

الوقف هنا ممنوع على قوله ( وهو الحق من ربهم ) فى طبعات المصاحف الأربعة ، فالسجاوندى يمنع " .. لأن ( كفر ) خبر ( والذين ) .. " ([22]) ، والعكبرى يمنع هو الآخر ، حيث يقول " .. ( الذين كفروا ) مبتدأ و( أضل أعمالهم ) خبره ، ويجوز أن ينتصب بفعل دل عليه المذكور ، أى أضل الذين كفروا ، ومثله ( والذين ءامنوا ) .. " ([23]) ، ويقول الأشمونى : " .. ( وهو الحق من ربهم ) ليس بوقف ، لأن خبر والذين ءامنوا لم يأت ، وهو : كفر عنهم سيئاتهم .. " ([24])
وعلة المنع أن المعنى لا يتم إلا بذكر الخبر ، حيث إن الآيتين بنيتا فى سياق المقابلة بين حالين ، حال صدود الكفار ، وحال امتثال المؤمنين للحق ، هذا وقد قوى أسلوب التضاد من أركان المعنى وثبته أيما تثبيت ، لذا كان اكتمال الخبر عمدة جلاء المعنى .

27 – قال تعالى : " .. مالكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين .. " سورة الحديد الاية رقم (8) .
الوقف هنا ممنوع على قوله ( بالله ) فى مصحف المدينة النبوية فقط ، ولم يرد فى غيرها من الطبعات الأخرى ، فالدانى يقول : (( .. ومثله – أى تام وقيل كاف – ( ومالكم لا تؤمنون بالله -8- ) .. )) ([25]) ، ولم يذكر وقفا أى صنف على قوله بالله ، وهذا دليل على المنع ، أما الأنصارى فيقول : (( .. ( كبير -7 - ) حسن، ( مؤمنين -8 – تام ) .. ")) ([26]) ، ولم يذكر وقفا على قوله ( بالله ) . ويفهم من المنع أن المشركين معترفون بوجود الله ، لكن محك الخلاف هو ترك الوثنية والاعتراف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، فكان الوصل مؤداه أن الإيمان بالله مقترن بالإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو الذى أوضح لهم حقيقة الإيمان جلية بالدلائل والبراهين التي لا يلجٌ فيها إلا سفيه مكابر .
يقول الزمخشرى عن مقصد الآية : (( .. وأى غدر لكم فى ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه ، ويتلو عليكم الكتاب الناطق بالبراهين والحجج ، وقبل ذلك قد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان حيث ركب فيكم العقول ونصب لكم الأدلة ، ومكنكم من النظر وأزاح عللكم ، فإذا لم تبق لكم عله بعد أدلة العقول وتنبيه الرسول فما لكم لا تؤمنون ( إن كنتم مؤمنين) لموجب ما فإن هذا الموجب لا مزيد عليه .. " ([27]) .
28 – قال تعالى : " .. يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلا . نصفه أو انقص منه قليلاً . أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا .. " سورة المزمل الآيات ( 1-4) .
الوقف ممنوع هنا على قولة ( المزمل ) فى طبعة مصحف الملك الثانية وما بعدها، وفى الأزهر الشريف ، وليبيا ، والقراء يقولون بمنع الوقف هنا ، فالإمام الدانى ينقل عن الإمام نافع المدني قوله : (( .. أو زد عليه -4- ) تام . وهو صالح .. )) ([28]) ، واكتفى الدانى بذكر رأى الإمام نافع دون أن يذكر أى نوع من الوقف على أى لفظ فى الآيات قبل هذا الموضع ، مما يدل دلالة قطعية على قصديته للمنع . ويقول الأنصارى : (( .. ( أو زد عليه -4- ) تام نقله أبو عمرو عن نافع ، ثم قال : وهو صالح ..)) ([29]) ، ولم يذكر الأنصارى هو الآخر أى نوع من أنواع الوقف مما يدل على المنع .
وسببية المنع هنا أن الوقف على المنادى دون إبداء ما يرمى إليه النداء بتر للمعنى، فالله تعالى نادى نبيه عليه الصلاة والسلام بأسلوب مسكون بالإيناس والتلطف والارتفاق ، ليكون جسرا ممهدا لأمره بقيام الليل ، ومن ثم كان الوقف ممنوعاً قبل الإتيان بالأمر بقيام الليل ، لأنه الغاية من ذلك المنداء والخطاب ، ليدفع عنه ما اعتراه من الحزن والشكاية من سفه المشركين بقيام الليل الذى يبل فؤاده صلى الله عليه وسلم .
29 – قال تعالى : " .. إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وءاخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وءاخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا واستغفروا الله أن الله غفور رحيم" سورة المزمل الاية رقم (20) .
فى هذه الآية موضعان للوقف بلا ، وهما ( مرضى ، من فضل ) ، واتفقت على كل منهما جميع طبعات المصحف .
فأبو عمرو الداني حينما عرض لمواضع الواقف فى هذه الآية ، لم يذكر الموضعين السابقين ضمن الوقف الكافي والتام ، وهذا دليل على منع الوقف عليهما ، حيث يقول : (( .. ( من الذين معك – 20 - ) كاف ، ومثله ( ما تيسر من القرآن ) -20 – ومثله ( فى سبيل الله ) – 20 – ( فاقرءوا ما تيسر منه .. ) – 20 – تام ، وقيل هو كاف ( .. قرضا حسنا .. ) -20- كاف ( وأعظم أجرا..) -20- تام وقيل كاف .. )) ([30])، وعلة المنع أنه لا يجوز الوقف على المعطوف عليه دون المعطوف .

30 – قال تعالى : " .. يا أيها المدثر . قم فأنذر وربك فكبر .. " سورة المدثر الآيات (1-3 ) .
الوقف ممنوع هنا على قوله ( المدثر ) فى طبعة مصحف اللك الثانية وما بعدها ، وطبعة مصحف الأزهر الشريف ، واللافت للنظر أن المنع سقط من طبعة مصحف ليبيا على الرغم من كونها قد منعت الوقف على نظيره فى سورة المزمل فى الموضع السابق ، ولا شك أن فى الطبعة خطاً طباعياً ، حيث العلة فى الموضعين واحدة .
والقراء يقرون بمنع الوقف هنا : فالإمام الدانى يقول : " .. ( قم فأنذر كاف -2- ) .. "(1) ، ولم يذكر أى نوع من الوقف على قوله ( المدثر ) مما يدل دلالة قاطعة على المنع .
أما السجاوندى فيصرح بالمنع فى قوله : (( .. ولا وقف إلى قوله ( فاحبر ) .. )) (2) ، والأنصاري يقول : (( .. ( قم فأنذر ) -2- كاف ، وكذا فكبر ، فطهر ، فاهجر ، تستكثر ، فاصبر .. )) ([31]) ، ولم يذكر وقفا من أى صنف على قوله تعالى ( المدثر ) مما يدل على المنع .
ويتضح إلينا مما سبق أن منع الوقف مرجعه إلى ما بعده إلى النداء والخطاب ، وهو قوله ( قم فأنذر ) أى المراد من هذا النداء اللطيف من قبل الله تعالى إلى نبيه الكريم ، حيث بدأت السورة بهذا النداء للنبى صلى الله عليه وسلم بصفته التى اعترته ولابسته حال النداء ، حين تدثر بعد أن رأى الملك ، وعاد إلى بيته ولفظة دثرونى لا تبارح فمه ، لذا كان هذا النداء الرقيق قنطرة للقيام بالصلاة والأمر بها، حيث هى شعار الإسلام وعماده وعموده الركين .


31 – قال تعالى : " .. يا أيتها النفس المطمئنة . ارجعي إلى ربك راضية مرضية .. " سورة الفجر الآيتان ( 27 – 28 ) .

الوقف هنا ممنوع على قوله ( المطمئنة ) ، وما قيل فى الموضعين السابقين هو نفسه ما ينطبق على هذا الموضع ، إذ العلة واحدة فى كل .







32– قال تعالى : " .. فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون .. " سورة الماعون الآيتان ( 4-5 ) .

الوقف ممنوع هنا على قوله ( للمصلين ) ، فالإمام الدانى لم يذكر فيه وقفا وهذا دليل على منعه ، والأنصارى يقول : " .. ( طعام المسكين تام ، (ساهون ) كاف إن لم يجعل ما بعده صفة لما قبله .. " ([32]) .

والأشمونى يصرح بازدرائه لهذا الوقف فى قوله : (( .. والوقف على المصلين قبيح ، فإنه يوهم غير ما أراده الله تعالى ، وهو أن الوعيد الشديد بالويل للفريقين الطائع والعاصي والحال أنه لطائفة موصوفة مذكورين بعده ، ومثله فى القبح لا تقربوا الصلاة فإنه يوهم إباحة ترك الصلاة بالكلية .. )) ([33]) .
فالوقف بمقتضاه يتغير المعنى ، ويؤدى إلى إيهام يناقض قول الله تعالى .





أولا – القرآن الكريم :
ثانيا – ثبت المصادر والمراجع :
1- ابن الجزري ( الحافظ محمد بن محمد ) ؛ النشر في القراءات العشر ، طبع دار الكتب العلمية – ببيروت بدون تاريخ .
2- ابن الأنباري ( عبدالرحمن بن محمد ) ؛ البيان في غريب إعراب القرآن ، طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1400هـ - 1980 م .
3- ابن النحاس ( أحمد بن محمد ) ؛ القطع والائتناف ، طبع العاني – بغداد الأولى 1398 هـ - 1987 م .
4- التونسي ( محمد الطاهر بن عاشور ) ؛ تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد " التحرير والتنوير " ، طبع الدار التونسية للنشر – تونس 1984 م .
5- الجرجاني ( عبدالقاهر ) ؛ دلائل الإعجاز ، طبع الهيئة المصرية العامة للكتاب 2000 م.
6- الداني ( أبي عمرو عثمان ) ؛ المكتفي في الوقف والابتدا ، طبع مؤسسة الرسالة – بيروت 1407هـ - 1987 م .
7-الزجاج ( أبي إسحاق ) ؛ معاني القرآن وإعرابه ، ط ، دار الحديث بالقاهرة ، الثانية 1418 هـ - 1997 م .
8- الزمخشري ( أبي القاسم ) ؛ الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ، طبع مصطفى الحلبي بالقاهرة 1392هـ - 1972 م .
9- السجاوندي ( أبي عبدالله ) ؛ علل الوقوف ، طبع مكتبة الرشد – المملكة العربية السعودية- الأولى 1415هـ - 1994 م .
10- الأشموني ( أحمد بن محمد ) ؛ منار الهدى في بيان الوقف والابتدا ، طبع دار الكتب العلمية ببيروت – الثالثة 1427هـ - 2007 م .
11- العكبري ( أبي البقاء ) ؛ التبيان في إعراب القرآن .
12- الفراء ( أبي زكريا ) ؛ معاني القرآن ، ط ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980 م .
13- الكرماني ( أبي القاسم ) ؛ البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان ، ط ، مركز الكتاب للنشر بدون تاريخ .
14- الأنصاري ( أبي يحيى ) ؛ المقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء ، طبع مع منار الهدى للأشموني .
15- النيسابوري ( الواحدي أبي الحسن ) ؛ أسباب النزول ، ط ، دار الحديث بالقاهرة – الرابعة 1419هـ - 1998 م .
16- النيسابوري ( نظام الدين ) ؛ غرائب القرآن ورغائب الفرقان ، ط ، مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة – الأولى 1390هـ - 1980 م .

ثالثا- المجلات والدوريات :
1- مجلة منبر الإسلام ، العدد الصادر في 10 شوال 1421هـ - يناير 2001م .

[1] - منار الهدى فى بيان الوقف والابتد للأشمونى ص 425 – 426 .

[2] - علل الوقوف للسجاوندى 2/632 .

[3] - غرائب القرآن للنيسابورى 14 /61 .

[4] - معانى القرآن وإعرابه للزجاج 3 /194 .

[5] - منار الهدى في بيان الوقف والابتدا للأشموني ص 229 .

الأول : أن كلا من كلمتى ( طيبين ) و ( يقولون ) التى بعدها حالان من حيث الحكم الاعرابى و( طيبين ) .
[6] - علل الوقوف للسجاوندى 2/637 .

[7] - منار الهدى للأشمونى ص 434 .

[8] - مجلة منبر الاسلام ، ص 54 السنة 59 العدد الصادر فى 10 شوال 1421 هـ - يناير 2001 م .



[9] - علل الوقوف ، للسجاوندى 2 / 638 .
2- منار الهدى ، للأشموني 434 .

[10] - غرائب القرآن للنيسابورى 14/70 .

[11] - معانى القرآن لأبى زكريا يحى بن زياد الفراء بتحقيق أحمد يوسف نجاتى ، ومحمد على النجار 2/105 ، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1980 م .

[12] - منار الهدى للأشمونى ص 437 .

[13] - المكتفى للدانى 393 .

[14] - علل الوقوف للسجاوندى 2/717 .

[15] - علل الوقوف للسجاوندى 2/724 .

[16] - المقصد للأنصارى ص 26 .

[17] - الكشاف للزمخشرى 3/25 .

[18] - منار الهدى للأشمونى ص 667 .

[19] - التحرير والتنوير للطاهربن عاشور 8/24 .

[20] - المكتفي للداني ص 587 .

[21] - علل الوقوف للسجاوندي 3 / 944 .

[22] - علل الوقوف للسجاوندى 3/946 .

[23] - التبيان فى إعراب القرآن للعكبرى 2/1160 .

[24] - منار الهدى للأشمونى ص 720 .

[25] - المكتفى للدانى ص 554 .

[26] - المقصد للأنصارى ص 384 .

[27] - الكشاف للزمخشرى 4/61 .

[28] - المكتفى للدانى ص 591 .

[29] - المقصد للأنصارى ص 407 .

[30] - المكتفى للدانى ص 593 .

[31] - المكتفي للداني ص 594 .
2- علل الوقوف للسجاوندي 3 /1060 .
3- المقصد للأنصاري ص 408 .

[32] المقصد للأنصاري ص 408 .

[33] - منار الهدى للأشمونى ص 865 .

0 التعليقات:

إرسال تعليق